الترويج الاستثماري – تجارب دول مختارة - مع اشارة الى العراق

 

• امكانية الاستفادة من التجارب المختارة  و تطبيقها في العراق –

اعداد الباحثان

عدي عزيز علي

حياة عبد الرزاق

 

المقدمـــــــــــــــة .

تعتبر تجربة الاستثمار في العراق تجربة حديثة و إن الامكانات المتاحة لتفعيل هذا القطاع لا تزال بسيطة و نظراً لاهمية هذا القطاع فانه يجب دراسة العوامل الاساسية و الضرورية لدعمه ، و ذلك لا يقتصر فقط على ايجاد بيئة ملائمة او توفر فرص مناسبة و انما ايضاً بتسليط الضوء على الفرص و المزايا النسبية لموقعها و استهداف المهتمين والمختصين و الشركات المعنية بهذه الاعمال، من هنا تأتي ضرورة الاطلاع على تجارب سابقة في هذا المجال و دراستها و الاستفادة منها في مجال الاستثمار و الترويج للاستثمار و دراسة مدى امكانية الاستفادة من هذه التجارب و تطبيقها في العراق .

جرى تقسيم الدراسة الحالية الى ست محاور تمثلت بـ:

المحور الاول : مفهوم واهمية الترويج الاستثماري.

المحور الثاني : تجارب دول مختارة في مجال الترويج الاستثماري .

المحور الثالث : ترويج الاستثمار في العراق .

المحور الرابع : امكانية الاستفادة من التجارب المذكورة في التجربة العراقية لنظام الاستثمار غير الحكومي (المحلي و الاجنبي).

المحور الخامس : مقترحات اخرى للترويج الاستثماري لتجربة الاستثمار في العراق.

المحور السادس : الخاتمة .

 

المحور الاول : مفهوم واهمية الترويج الاستثماري .

يهدف الترويج الاستثماري الى تسويق الفرص الاستثمارية وتحقيق المنافع الاقتصادية والاجتماعية و الحصول على مستثمر حقيقي ومقتدر ماليا و مهنيا ، يؤمن بالمزايا و المقاصد و احيانا يتطلب الجمع بين الاطراف المؤثرة في القرار الاستثماري (المستثمر و الممول و هيئات الاستثمار ) ، للوصول الى مستوى اعلى من الثقة والاطمئنان .

ان تحقيق الاهداف الاستثمارية لا يبنى على النوايا و الرغبة بمقدار الحاجة الى قاعدة معلومات رصينة وطرح فرص ذات قيمة اقتصادية تحظى بقناعة المستثمرين و تتوافق مع اهدافهم مما يجعل الترويج مسؤولية ثقيلة في تحسين سمعة و مركز الدولة الى خارطة الاستثمار المحلي و ايصال صورة واضحة عن الفرص والموارد ومنظومة التشريعات ، و مع تعاظم الحاجة لرؤوس الاموال في تسريع التنمية و تحريك الفرص الاستثمارية تبرز الاهمية الفائقة للترويج الاستثماري و الذي يعبر عنه بأنه حزمة من الجهود المنظمة التي تعمل على تنظيم العلاقة بين الاطراف المعنية بتحقيق المنفعة المشتركة ، و خلق الثقة بالفرص المتاحة و التشريعات النافذة و القناعة بالامتيازات الممنوحة والمقومات المحلية (1) ، اما الترويج الخارجي فهو نشاط لترويج الدولة في الخارج كوجهة استثمارية مميزة ، ترتكز على دراسات لأسواق الدول لتساعدها في تحديد الدول و المستثمرين المحتملين حيث يتم استهدافهم ضمن استراتيجية توضع لتشجيع الاستثمار(2) .

المحور الثاني : تجارب دول مختارة في مجال الترويج الاستثماري .

تتفاوت اساليب الترويج من بلد لأخر حسب قوة الرؤية الاقتصادية السائدة و القوانين النافذة و طبيعة الموارد و المعطيات المتاحة ، فبعض الدول تعتمد اساليب ترويجية تتصف بالخصوصية و بعضها الاخر يتخذ عملية الترويج منهجا يقوم على توجيه جهود الجهات ذات العلاقة باستقطاب رؤوس الاموال بما يعجل من تسويق الفرص و يسرع عملية التنمية ، و فيما يأتي استعراض لبعض الدول في مجال ترويجها لفرصها الاستثمارية .

التجربة الاولى ( مصر) :

وضعت مصر استراتيجية تتمثل بالتعاون المشترك بين مكاتب التمثيل التجاري في الخارج وبين الهيئة العامة للاستثمار من اجل الترويج للفرص الاستثمارية بالخارج ، اذ تقوم الاخيرة بمد المكتب التجاري بالفرص الاستثمارية المتاحة ، مع امدادهم بأحدث اصدارات الهيئة والمعلومات اللازمة عن اللوائح و القوانين المتعلقة بالاستثمار في مصر ، و ارسالها  نشرة  دورية شهرية تتضمن المستجدات في بيئة الاعمال في مصر وعدد الشركات التي تم تأسيسها و كذلك التوسعات في المشروعات القائمة و التشريعات الجديدة المتعلقة بملف الاستثمار في مصر .

في حين تقوم مكاتب التمثيل التجاري بدورها في الترويج لكل الانشطة التي تنظمها الهيئة داخل وخارج مصر و موافاتها بالتقارير الدورية حول انشطة مكاتب التمثيل التجاري في الخارج و كذلك اعداد التقرير الخاص بحجم الاستثمارات الاجنبية بالدول المضيفة واتجاهات التدفقات الخارجية لهذة الدول و التي يمكن استهدافها في مصر ، فضلا عن المعارض و المؤتمرات الدولية التي تشارك فيها المكاتب من اجل الترويج عن الاستثمار في مصر ، هذا بالاضافة الى اعدادها قاعدة بيانات متكاملة و إستقبال الاستفسارات من قبل المستثمرين الاجانب حول المشروعات الراغبين اقامتها في مختلف المحافظات المصرية ، و ايضا العرف على مشاكل المستثمرين و محاولة ايجاد حلول عاجلة لها  .

ان استراتيجية التعاون بين التمثيل التجاري و الهيئة العامة للاستثمار تتمثل في دوام المتابعة بينهما و تنظيم بعثات الترويج  و اعداد الزيارات للمستثمرين من الاجانب لتعريفهم على مناخ الاستثمار و فرص الاستثمار المتاحة بمصر بالاضافة الى التعاون في اعداد الزيارات الترويجية المستهدفة .

كما تقوم كلا من الهيئة ومكتب التمثيل التجاري بإعداد ملف مشترك لوزارتي الصناعة و التجارة و الاستثمار يتضمن مختلف الجوانب المتعلقة بالقطاعين التجاري و الاستثماري فيما يخص البلد محل الزيارة ، واهم الملفات الاستثمارية والتجارية الخاصة بها ، وكذلك اعداد برامج تدريبية مشتركة لكل من كوادر التمثيل التجاري وهيئة الاستثمار ، وذلك في مجالات الترويج و جذب الاستثمارات بالاضافة الى وضع خطة متكاملة لتحسين صورة مصر بالخارج بهدف ان تتقدم مصر في موقعها بين الدول الجاذبة للاستثمار (3) ، فضلا عن انشائها مواقع الكترونية للمحافظات المصرية و اعدادها للخرائط الاستثمارية (4) .

التجربة الثانية ( لبنان ) :

تروج لبنان كوجهة استثمارية من خلال مؤسسة تشجيع الاستثمارات في لبنان ( ايدال ) التي انشأت عام 1994 ، ايدال تركز في خططها الترويجية على توفير معلومات عن السوق والاعمال و الاطر القانونية و الاستثمارات  و غيرها ، كما تقوم بتحديد فرص الاستثمار و ترويجها و تقديم التسهيلات و الخدمات قبل و خلال و بعد إنشاء المشروع ، ايضا تعمل و من خلال المشاركة في المؤتمرات والندوات الاقتصادية لرجال و سيدات الاعمال  التي تنعقد في الداخل و الخارج  على ترويج الميزات التي يتمتع بها لبنان كما أنها توفر المساندة اللازمة للمستثمرين المحليين والأجانب لإقامة وتوسيع مشاريعهم ، فضلا عن ذلك تبحث عن و تحدد الشركاء المحتملين في المشاريع المشتركة (5) .

 

 

التجربة الثالثة ( الاردن) :

يقوم الاردن و ضمن خطة مؤسسة تشجيع الاستثمار بالتعرف على الفرص الاستثمارية و الترويج لها ، و توفير الدراسات و المعلومات الكاملة و الصورة الواضحة لهم و اطلاعهم على أهم القطاعات التي يمكنهم و التي يمتلك فيها الأردن مزايا نسبية تنافسية و توفير و تحديث المعلومات عن البيئة الاستثمارية بشكل إجمالي و عن كل قطاع بشكل مفصل ، بالإضافة إلى توفير المعلومات التشريعية و الإدارية عن البيئة الاستثمارية اهمها اعداد برنامج الزيارات ، و تحديد المواعيد مع الجهات المختصة ، و توفير المعلومات و البيانات ، و القيام بالنيابة عن المستثمر بإجراءات التسجيل و الترخيص للمشروعات الاستثمارية لدى الجهات الرسمية (6) ، و تعتمد الاردن كثيرا في الترويج لفرصها الاستثمارية على الوسائل المسموعة و المقروءة و المرئية كالإذاعة و الصحف و التلفزيون والانترنت  .

كما تقوم بتدريب و تأهيل البعثات الدبلوماسية الأردنية لتعزيز مساهمتهم في جذب الاستثمارات الأجنبية ذات القيمة المضافة العالية للمملكة وتزويدهم بالمعرفة والقدرة العلمية للقيام بهذه المهمة (7) .

و تتجه الاردن اليوم الى تعزيز أهمية دور السفارات في مجال تعزيز العلاقة مع القطاع الخاص في الخارج من اجل جذب الاستثمارات إلى المملكة وتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول لعالم فضلا عن التنسيق ما بين الدوائر الاقتصادية الاردنية والسفارات الاردنية في الخارج  كذلك و ذلك ضمن سعيها لأحداث نقلة نوعية في الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المملكة .

كما تعتمد المؤسسة على المكاتب التمثيلية في الخارج للترويج لفرصها الاستثمارية فضلا عن اعدادها الخارطة الاستثمارية و دراسة السوق و جمع المعلومات الاستثمارية اللذين تنفذهما المؤسسة (8) .

التجربة الرابعة (اليابان) :

عملت المؤسسة اليابانية لتنمية الاستثمارات على تشجيع الاستثمارات الاجنبية و تقديم خدمات الدخول الى السوق و الخدمات الاستشارية فضلا عن المنظمة اليابانية للتجارة الخارجية التي تهدف الى الترويج للاستثمار في اليابان من خلال 76 مكتباً منتشراً في مختلف دول العالم

التجربة الخامسة ( تجارب متفرقة ) :

تعتمد الكثير من الدول في ترويجها لاستثماراتها على اساليب مختلفة في محاولة منها لإستقطاب رجال الاعمال اليها من هذه الاساليب ما قامت به دولة الفلبين فقد اصدرت خطة سنوية تتضمن اولويات الاستثمار في البلد ، في حين قامت اندنوسيا بالترويج لفرصها الاستثمارية من خلال مراكز خارجية منتشرة في مختلف دول العالم ، و قد انشأت وكالة تنمية الاستثمار في المجر اكثر من 40 مكتباً في مختلف دول العالم لتوفير المعلومات الاقتصادية و التشريعية و الفرص الاستثمارية و الحوافز التي تقدمها الحكومة ، اما السويد فقد انشأت وكالة لترويج الاستثمار ، و عمل المكتب الاندنوسي لتشجيع الاستثمارات وتنمية المشروعات بتقديم خدمات ما قبل الاستثمار .

و نجد دول اخرى قامت بترتيب زيارات عمل لممثلي الشركات الاجنبية لتعريفهم بفرص الاستثمار و مدهم بالمعلومات المفصلة عن مواقع و تكلفة الانتاج فضلاً عن تنظيم المعارض لتعريف رجال الاعمال بميزات تلك البلاد و اقامة المؤتمرات  و الندوات و دعوة الصحفيين و المتخصصين الاجانب و اطلاعهم على مناخ الاستثمار فيها (9) .

 

 

المحور الثالث : ترويج الاستثمار في العراق .

مع انطلاق هيئات الاستثمار في العراق عمدت الى وضع خطط ترويجية لفرصها الاستثمارية المتاحة تمثلت بـ :

1. اصدار الكتيبات و النشرات التعريفية الخاصة بها و اعداد الخارطة الاستثمارية للتعريف بالفرص الاستثمارية و مواقعها و ايضا التعريف بالإمكانات المادية والبشرية في العراق  .
2. المشاركة في الندوات والمؤتمرات و المعارض المحلية و الاقليمية والدولية  المتعلقة بالاستثمار .
3. الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة من خلال الانترنت عبر انشاء المواقع الالكترونية لهيئات الاستثمار في المحافظات العراقية .
4. بناء قاعدة بيانات و معلومات استثمارية شاملة لكافة المحافظات في الدولة بالتنسيق مع السلطة المختصة ، بما في ذلك المشاريع الاستثمارية الاجنبية و المقامة و تحديثها بشكل دوري .

المحور الرابع : امكانية الاستفادة من التجارب المذكورة في التحربة العراقية لنظام الاستثمار غير الحكومي (المحلي و الاجنبي).

يمكن الاستفادة من التجارب المذكورة في الدراسة اعلاه من خلال القيام بـ :

1. انشاء جهاز يتولى مهمة الترويج بمقدرة و امتلاك معلومات عن منظومة القوانين و الاجراءات و الفرص و ان يكون لهذا الجهاز مكاتب في خارج العراق .
2. خلق ثقافة محلية تؤمن بمنافع الاستثمار في تنشيط الاقتصاد والتنمية .
3. تدريب الكوادر في هيئات الاستثمار على اساليب الترويج و قدرة الاقناع على الاستثمار في العراق و اختيار الاكفأ منهم على العمل في مكاتب المقترحة اعلاه .
4. استهداف المستثمرين المحتملين و محاولة جذبهم للاستثمار في العراق .
5. الاعتماد على السفارات العراقية في الخارج للترويج للاستثمار .

 المحور الخامس : مقترحات اخرى للترويج الاستثماري لتجربة الاستثمار في العراق .

1. وضع خطة متكاملة لتحسين صورة العراق اقتصادياً بهدف ان يتقدم العراق في موقعه بين الدول الجاذبة للاستثمار .
2. التعريف بالامكانات المادية و البشرية في العراق .
3. التعاقد مع شركات متخصصة في مجال الترويج الاستثماري سواءً في الداخل او الخارج.
4. الاعتماد على المجالات الاقتصادية الاعلانية و التي تستهدف بصورة مباشرة رجال وسيدات الاعمال .
5. القيام بترويج الاستثمار من خلال المطارات العراقية و ذلك بتوزيع مطبوعات ترحيب باسم الهيئات الاستثمارية في العراق على الوافدين الى العراق مع هدايا رمزية .

المحور السادس : الخاتمة .

ان اهم ما يميز البيئة الاستثمارية في البلدان الاخرى هو التغير المستمر في الظروف و العوامل المؤثرة في الجاذبية الاستثمارية من حيث الفرص و كذلك التحديات ، و عليه فإنه لا يمكن تبني المقترحات الترويجية اعلاه مالم يتم التخلص من السياسات الطاردة للاستثمار و المتمثلة بتقاطعات قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 مع التشريعات النافذة و الجديدة في العراق فضلاً عن قصور الهيكل التنظيمي و الذي يحتاج الى مزيد من التخصص و تقسيم العمل ، فضلاً عن السقوف المرتفعة للضوابط و المحددات الخاصة بإنشاء المشاريع الاستثمارية و التي تزيد من تكلفة الاستثمار في العراق و بالتالي زيادة اسعاره ، هذا فضلاً عن التفاوت في الميزات النسبية التي تتمتع بها المحافظات و الذي يتطلب توزيع الاعفاءات و الامتيازات في قانون الاستثمار بما يحقق العدالة في خط الشروع في الجذب الاستثماري .

 

( المصــــــادر )

1. اياد الجبوري ، الترويج الاستثماري – منهج علمي و عمل دؤوب ، جريدة بلادي ، السنة الثانية ، العدد 540 على الموقع الالكترونيwww.beladitoday.com
2. الموقع الالكتروني لمؤسسة تشجيع الاستثمار في الاردن www.jordaninvestment.com   .
3.  محمد عبد العاطي ، اليات عاجلة لتفعيل التعاون بين الاستثمار و التمثيل التجاري على الموقع الالكتروني www.almasryaalyaum.cim   .
4.  د. عبد الحسين جليل الغالبي ، محددات الاستثمار الاجنبي المباشر و سياسات اجتذابه نحو العراق ، جامعة الكوفة ، كلية الادارة و الاقتصاد ، مجلة الغري ، العدد الثامن ، السنة الثانية ، 2007 ، ص12 .
5. المؤسسة العامة لتشجيع في لبنان على الموقع الالكتروني www.tra.gov.lb   .
6. ريم بدران ، مؤسسة تشجيع الاستثمار – حجم الاستثمارات العربية والاجنبية في الاردن ، جريدة الشرق الاوسط، العدد8709 ، 2002 ، على الموقع الالكتروني www.aawsat.com   .
7. جريدة الدستور ، تعزيز دور السفارات في استقطاب الاستثمارات ، العدد 16813 ، ايار 2014 على الموقع الالكتروني www.addustor.com.
8.  د. عبد الحسين جليل الغالبي ، مصدر سبق ذكره ، ص12.
9.  د. عبد الحسين جليل الغالبي ، المصدر السابق نفسه ، ص13 .